هبوط حاد فى سعر الليرة اللبنانية بعد إعتذار الحريري.
وفى التفاصيل فقد شهدت مناطق لبنانية عدة قطعا للطرق احتجاجا على اعتذار رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري عن تشكيل الحكومة، اليوم الخميس، في حين تخطى سعر صرف الدولار في السوق السوداء حاجز الـ20 ألف ليرة لبنانية.
وسجلت منصات السوق السوداء غير الرسمية ارتفاع سعر الصرف من 19 ألفا و200 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد في تعاملات منتصف اليوم إلى ما بين 21 ألفا و75 ليرة لبنانية للشراء و21 ألفا و375 ليرة للبيع في حين ما زال السعر الرسمي المحدد من المصرف المركزي عند 1515 ليرة.
ودفع هذا التراجع غير المسبوق لليرة المحلات التجارية إلى إقفال أبوابها بحسب ((الوكالة الوطنية للاعلام)) اللبنانية الرسمية كما دفع بمحتجين اضافيين إلى قطع الطرق.
ويأتي هذا الصعود للدولار وسط مخاوف من انهيار الاوضاع وتفشي الفوضى في لبنان بعد انسداد السبل وتزايد الصعوبات أمام تشكيل حكومة في البلاد التي تعيش أزمة نقص في الأدوية والوقود الذي بدأ ينفد من العديد من المستشفيات والأفران وسط تقنين شديد في التيار الكهربائي لعدم توافر كميات كافية من الفيول أويل لتشغيل معامل الانتاج.
وأدى الانهيار في قيمة الليرة اللبنانية الى غلاء قياسي في أسعار السلع الغذائية وإلى فقدان المواطنين قدرتهم الشرائية وخسارة قيمة مدخراتهم وسط انخفاض احتياطي العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي.
وفي بيروت عمد المحتجون بحسب غرفة التحكم المروري في وزارة الداخلية، إلى قطع الطرق في اوتوستراد المدينة الرياضية وكورنيش المزرعة والبربير وقصقص وفي شارعي فردان والحمرا حيث اضرموا النيران بمستوعبات النفايات والاطارات المطاطية.
وقالت ((الوكالة الوطنية للإعلام)) الرسمية ان إشكالا وقع بين محتجين وقوى من الجيش اللبناني عند “جسر الكولا” في بيروت على خلفية فتح الطريق، وذكرت أن حالة من الكر والفر سادت بين عناصر الجيش والمحتجين أدت الى سقوط اصابات في صفوف الجانبين.
وقال شهود عيان لوكالة أنباء ((شينخوا)) ان المحتجين حاولوا قطع الطريق بالعوائق والنفايات وان الجيش حاول منعهم، فردوا بالقاء الحجارة والاسهم النارية باتجاه الجيش الذي رد باطلاق الرصاص المطاطي مما ادى الى وقوع جرحى من الجانبين.
كما قطع محتجون الطريق المؤدي الى بيروت من جنوبها في منطقة خلدة اضافة الى الطريق المؤدي الى جنوب لبنان في نقطتي الناعمة وبرجا.
وفي ضاحية بيروت الجنوبية، قطع محتجون السير على طريق المطار بالإطارات المشتعلة وكذلك الطريق المؤدي الى السفارة الكويتية.
وفي صيدا كبرى مدن الجنوب أفاد مراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) بإقدام عدد من الشبان على قطع الطريق الرئيسي في ساحة الشهداء في المدينة بحاويات النفايات والعوائق، احتجاجا على الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار وكذلك احتجاجا على تأزم الوضع السياسي والمعيشي في البلاد من دون ايجاد حلول للأزمة.
كما قام عدد من المحتجين بإغلاق تقاطع “ايليا” الرئيسي بسياراتهم وتجمعوا وسط الطريق، احتجاجا على ارتفاع سعر صرف الدولار وتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية وانسداد الآفاق أمام حلول تأزم الوضع السياسي.
وفي مدينة صور في الجنوب، أفادت ((الوكالة الوطنية للاعلام)) أن شبانا حطموا محتويات المطاعم والمقاهي في “الجادة البحرية” وطردوا الزبائن منها بعد اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة.
ودعت قيادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في صور ، في بيان، أهالي المخيمات الفلسطينية الى التزام منازلهم وعدم مغادرتها إلا للضرورة وعدم المشاركة في أي احتجاجات داخلية لبنانية متعلقة بتشكيل الحكومة وبسبب الأزمة الاقتصادية.
وفي طرابلس كبرى مدن شمال لبنان أغلقت معظم المحال التجارية في المدينة على وقع ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل العملة المحلية، واطلقت بعد اعتذار الحريري دعوات عبر مكبرات الصوت للنزول إلى الشوارع في أقضية محافظة الشمال.
وفي شرق لبنان في منطقة البقاع، قطع المحتجون الطرق في بلدات تعلبايا والمرج ومثلث الفاعور والروض ودورس وعند مدخل مدينة بعلبك بالإطارات والسيارات احتجاجا على ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية وغلاء الأسعار وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
وكان البنك الدولي قد رأى في تقرير صدر مؤخرا، أن لبنان يشهد أزمة اقتصادية ومالية تعتبر من بين “الأزمات العشر وربما من بين الأزمات الثلاث الأكثر حدة عالميا منذ أواسط القرن الـ 19 في غياب أي أفق حل يخرجه من واقع مترد يفاقمه شلل سياسي”.
ويعاني اللبنانيون من أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية وصحية متشابكة أدت لارتفاع معدل الفقر إلى أكثر من 50 في المائة وتفاقم البطالة والتضخم وتآكل المداخيل والمدخرات وسط ارتفاع غير مسبوق في الأسعار مع فقدان الأدوية والمستلزمات الطبية وحليب الأطفال.
وأعلن الحريري عصر اليوم اعتذاره عن تشكيل الحكومة بعد قرابة 9 أشهر على تكليفه عقب اجتماع مع الرئيس ميشال عون.
وقال الحريري ان عون طلب اجراء تعديلات جوهرية على التشكيلة الحكومية المقترحة مشيرا الى ان عدم التوافق معه دفعه الى الاعتذار.
بدوره، أعلن مكتب الاعلام في الرئاسة اللبنانية في بيان اليوم، أن الرئيس عون سيحدد بسرعة موعدا للاستشارات البرلمانية الملزمة لتسمية رئيس وزراء مكلف.
واتهم البيان الحريري بأنه اتخذ قرارا مسبقا بالاعتذار رغم رغبة الرئيس عون بتسهيل التأليف، وقال إن الحريري لم يكن مستعدا للبحث في أي تعديل لتشكيلته الحكومية.
وكان عون كلف الحريري في 22 أكتوبر الماضي بتشكيل الحكومة بعد اعتذار مصطفى أديب لفشله في تأليف حكومة تحل محل حكومة تصريف الأعمال الراهنة.
وجاء تكليف الحريري بنتيجة الاستشارات البرلمانية الملزمة التي أجراها عون والتي حاز بنتيجتها على 65 صوتا من أصوات أعضاء البرلمان فيما امتنع 53 نائبا عن التسمية.
ويقوم النظام اللبناني على محاصصة طائفية، وينص الدستور على أن يكون رئيس الوزراء من الطائفة السنية ورئيس البرلمان من الطائفة الشيعية ورئيس البلاد من الطائفة المارونية المسيحية فيما يتقاسم المسيحيون والمسلمون مقاعد البرلمان وحقائب الحكومة.
المصدر:وكالات